Category: البيانات

كيف يمكن صياغة قرارات استراتيجية في ندرة البيانات؟

تُعَدّ قلة البيانات حول ما يحمله المستقبل من تحديات وفرص أحد أكبر العقبات التي تواجه القادة أثناء التخطيط لنمو شركاتهم. في مثل هذه الظروف، يمكن للقادة اتباع ثلاث استراتيجيات للحصول على رؤى ثاقبة: دراسة العملاء والشركات الناشئة لاكتشاف علامات التغيير، تجربة التقنية الجديدة بدلاً من مجرد القراءة عنها، وممارسة “التفكير الترابطي” الذي يتضمن ربط مفهومين مختلفين ظاهرياً للوصول إلى فكرة مبتكرة.

تحديد اتجاه استراتيجي في وسط حالة عدم اليقين ليس بالأمر السهل. واحدة من المشكلات المستمرة هي أن البيانات اللازمة لتبرير مسار العمل لا تصبح واضحة إلا بعد فوات الأوان، هذه المشكلة، التي يمكن تسميتها مفارقة المعلومات والفعل، تتطلب حلاً غير تقليدي، ففي هذه الحالة يجب على القادة اتخاذ قرارات حتى عندما تشير البيانات إلى عكس ذلك.

لا يعني ذلك أن على القائد تجاهل البيانات، بل يجب عليه أن يدرك حدود البيانات التي يستخدمها عادةً في اتخاذ قرارات استثمارية استراتيجية، مثل حجم السوق ومعدلات النمو والحصة السوقية وهوامش الربح؛ فهذه البيانات تشرح ما تحقق بالفعل وليست تنبؤاً بما قد يحدث.

لا يمكن الاعتماد على التخمين أو الحدس البحت في عملية صنع الاستراتيجية، بل يجب على القائد البحث بطرق مدروسة عن رؤى جديدة تساعده على فهم الأمور وتحديد المسار وسط حالة عدم اليقين؛ هذا المقال يشرح ثلاث طرق لتحقيق ذلك.

1-  ابحث عن إشارات تحذير مبكرة للتغيير

أحد أسس برنامج التغيير الذي أطلقه ساتيا ناديلا في مايكروسوفت كان الانتقال من التركيز على المؤشرات المتأخرة مثل الإيرادات، إلى المؤشرات الرئيسية مثل صافي نقاط الترويج. فالمؤشرات المتأخرة تعكس قرارات اتُخذت في الماضي، بينما تشير المؤشرات الرئيسية إلى فرص أو تحديات مستقبلية.

بالإضافة إلى تحديد المؤشرات الرئيسية على لوحات المتابعة، يجب على المسؤولين التنفيذيين البحث عن إشارات تحذير مبكرة للتغيير في موقعين رئيسيين.

الموقع الأول هو العملاء؛ يجب عليك فهم كيفية تفكير العملاء الحاليين في الحلول الناشئة، والتركيز على الأخطاء الوشيكة؛ أي عندما يفكر العملاء في بدائل ولكنهم يرفضونها في النهاية. هذا التحليل ساعد الذراع الأسترالية لشركة كينغ آند وود ماليسونز (King & Wood Mallesons) القانونية على ملاحظة أن العملاء بدأوا يأخذون مزودي التقنية القانونية الجدد بجدية، مما دفع الشركة لتطوير قدراتها التقنية قبل أن يظهر ذلك في البيانات التقليدية.

يجب أن يقضي المسؤولون التنفيذيون وقتًا مع مجموعة متنوعة من العملاء، تشمل العملاء المخلصين التقليديين والعملاء الذين انتقلوا إلى حلول أخرى وأولئك الذين يواجهون تحديات كبيرة. على سبيل المثال، قامت إحدى شركات المشروبات بدراسة كيفية تصرف الجنود في درجات الحرارة الشديدة لاكتشاف حلول مبتكرة يمكن تطبيقها مثل إضافة أقراص مغذية إلى الماء أو تطوير تغليف جديد يحافظ على برودة المشروبات لفترات أطول.

الموقع الثاني هو الشركات الناشئة في نفس القطاع؛ يجب أن يكون المسؤولون التنفيذيون على دراية وثيقة بنشاط هذه الشركات. بالرغم من أن معظم الشركات الناشئة قد تفشل، إلا أن الانتباه للتغييرات المهمة يمكن اكتشافه مبكرًا. على سبيل المثال، عندما استثمرت مايكروسوفت في شركة أوبن أيه آي، كانت قادرة على متابعة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي عن كثب. لذلك، عليك تجاوز الشركات الناشئة المشهورة والبحث في الشركات التي لا تزال في وضع التخفي، أو زيارة مختبر جامعي لاكتشاف تقنيات المستقبل، مما يعزز حدسك في تحديد مسارك خلال حالة عدم اليقين.

2-   جَرّب المستقبل من اليوم

يقول كاتب الخيال العلمي ويليام غيبسون: “لقد وصل المستقبل بالفعل، لكنه لم يصل إلى الجميع بالتساوي”. لتجربة المستقبل اليوم، عليك اكتساب خبرة عملية في التقنيات الناشئة. في أحد المقررات التي في كلية تاك للأعمال (Tuck School of Business) التابعة لجامعة دارتموث  (Dartmouth College)، طلبت من الطلاب كتابة “تقرير من المستقبل”. يبدأ التقرير بتجربة بعض التقنيةت الناشئة مثل المركبات الذاتية القيادة أو العملات المشفرة أو التشخيص بالحمض النووي أو الرياضات الإلكترونية أو الطباعة الثلاثية الأبعاد، ثم التفكير في أكثر ما أدهشهم، وتخيل التطورات التي ستطرأ على هذه التقنية بعد 10 سنوات وأثرها على المؤسسات الحالية وفرص الشركات الناشئة. دائماً ما يُظهر هذا النشاط أن تجربة التقنية توفر معرفة أعمق بكثير من مجرد القراءة عنها.

3-   مارس التفكير الترابطي

منذ نحو 15 عاماً، قاد هال غريغرسن من معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) وجيف داير من جامعة بريغام يونغ (Brigham Young University) دراسة مهمة لتحديد سمات المبتكر الناجح. ومن النتائج الرئيسية التي توصلا إليها ولخصاها في كتاب “جينات المبتكر” (The Innovator’s DNA) (الذي شارك في تأليفه كلايتون كريستنسن)، أن المبتكر متفوق فيما يسمى “التفكير الترابطي”؛ أي أنه يربط بين مفهومين متباينين ظاهرياً ليبلور منهما فكرة جديدة. التفكير الترابطي هو أساس نجاح صناعة السينما في هوليوود، في كتاب صُنعت لتبقى” (Made to Stick)، يصف المؤلفان تشيب ودان هيث “خطاب هوليوود الترويجي” الذي يتضمن ركيزةً مألوفة ومنعطفاً مفاجئاً غير مسبوق؛ فعلى سبيل المثال روّج لفيلم سبيد” (Speed)  (إنتاج 1994) بأنه مثل فيلم “داي هارد” (Die Hard) ولكن على متن حافلة. هنا، فيلم داي هارد” هو الركيزة المألوفة لأنه كان ذائع الصيت، فجذب الاهتمام؛ أما “على متن حافلة” فهو الانعطاف المختلف، ونجح في إثارة فضول المستمعين.

خاتمة

في ظل ندرة البيانات حول ما يحمله المستقبل من تحديات وفرص، يواجه القادة صعوبة كبيرة في صياغة قرارات استراتيجية لنمو شركاتهم. ومع ذلك، يمكن تبني ثلاث استراتيجيات للحصول على رؤى ثاقبة تساعد على تجاوز حالة عدم اليقين:

1.    البحث عن إشارات تحذير مبكرة للتغيير: بدلاً من الاعتماد فقط على المؤشرات المتأخرة مثل الإيرادات، ينبغي للقادة التركيز على المؤشرات الرئيسية مثل صافي نقاط الترويج. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المسؤولين التنفيذيين قضاء وقت مع العملاء والشركات الناشئة لفهم الاتجاهات والتغيرات المستقبلية.

2.    تجربة المستقبل من اليوم: على القادة اكتساب خبرة عملية في التقنيات الناشئة بدلاً من الاكتفاء بقراءة عنها. هذه التجربة العملية توفر معرفة أعمق تساعد على استشراف المستقبل وفهم تأثير التقنيات الجديدة على المؤسسات الحالية وفرص الشركات الناشئة.

3.    ممارسة التفكير الترابطي: ربط بين مفاهيم مختلفة ظاهرياً للوصول إلى أفكار مبتكرة. هذا النوع من التفكير هو سمة رئيسية للمبتكرين الناجحين ويمكن أن يساعد القادة على بلورة استراتيجيات جديدة في ظل حالة عدم اليقين.

 

من خلال اتباع هذه الاستراتيجيات، يمكن للقادة اتخاذ قرارات مستنيرة تساعد على قيادة شركاتهم نحو النمو والابتكار، حتى في ظل ظروف عدم اليقين ونقص البيانات التقليدية.

Read More
PSC Team يوليو 16, 2024 0 Comments

ما هو مستقبل علم البيانات؟

علم البيانات هو علم حديث نسبياً، وينمو بوتيرة متسارعة، يعمل على استخراج البيانات وجمعها وتحليلها لتستفيد الشركات منها في تطوير أعمالها. يستخدم علماء البيانات التعلم الآلي والخوارزميات لمساعدتهم على التنبؤ بالأحداث المستقبلية المحتملة. يعتقد البعض أن التطور التقني سيلغي وظيفة عالم البيانات، بينما يرى آخرون أن لعلم البيانات مستقبلاً مشرقاً، لكن في الحقيقة سيجمع مستقبل علم البيانات بين وجهتي النظر هاتين.

ما هو علم البيانات؟

علم البيانات هو عملية استخراج البيانات الأولية وغير المهيكلة، ومن ثم الجمع بين الإحصاء الرياضي وعلوم الحاسوب الحديثة كالتعلم الآلي والبرمجة لتحليل هذه البيانات لمساعدة الشركات في اتخاذ قرارات أفضل للعمل من خلال استخدام خوارزميات معقدة تساعد في الحصول على تنبؤات باستخدام مجموعة من الإحصائيات فقط.

وبشكل مماثل للأعمال، يساعد علم البيانات في الطب والرعاية الصحية والتنبؤ بالطقس واكتشاف الاحتيال، وما إلى ذلك.

ما هو مستقبل علم البيانات؟

يحلل الإنسان البيانات المتاحة بين يديه ليكوّن فكرة عن الخطوة المقبلة التي سيقوم بها. على سبيل المثال، عندما يريد بائع بقالة طلب المواد لمتجره يحلل البيانات التي لديه من المواد التي تم بيعها والمواد التي لا تُباع لديه. على نحو مماثل وأوسع تحلل الشركات البيانات لديها، ومع تطور علوم الحاسوب والإنترنت أصبح هذا التحليل معقداً، خاصةً مع وجود الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، إذ أصبحت الشركات الآن تحلل سلوك المستهلكين لزيادة بيع منتجاتها.

وبذلك أصبح من الضروري الآن وجود عالم بيانات في كل شركة، وستزداد الحاجة إلى علماء البيانات المؤهلين في المستقبل، إذ سيجدون فرصهم في مجالات مختلفة من الأعمال المصرفية والتمويل والتأمين والترفيه والاتصالات السلكية واللاسلكية والسيارات وغيرها. وذلك لأن المستقبل يبدو كمكان تتحكم فيه البيانات بكل قرار نتخذه على مستوى الأفراد، كما سيكون لعالم البيانات دور في تنمية الشركات من خلال مساعدتها في اتخاذ قرارات أفضل.

علم البيانات وارتباطه الوثيق بالذكاء الاصطناعي 

على الرغم من أن الكثيرين يرون صورة للمستقبل المشرق لعلم البيانات، فإن البعض يعتقد أنه بوجود الذكاء الاصطناعي يمكن تحليل البيانات بكفاءة بصورة آلية، خاصة وأن الذكاء الاصطناعي يحل محل البشر في العديد من الوظائف، لكن هل ستكون هذه إحداها؟

في الحقيقة يستفيد عالم البيانات من هذه التقنيات المتطورة، ويبدو أنه مستقبلاً سيكون عالِم البيانات كالوسيط الذي يمكنه التواصل مع أجهزة الحاسوب والبشر، وسيكون الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي مجرد أدوات يستخدمها للتعامل مع البيانات الضخمة، أي أن علم البيانات سيتحسن بوجود الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وهذه بعض الأمثلة على ذلك:

  • يستخدم مليارات المستخدمين حول العالم الهواتف الذكية والساعات بالإضافة إلى الأجهزة الإلكترونية الأخرى. ينتج عن ذلك كم هائل من البيانات، يساعد تحليلها الشركات على فهم مستخدميها بدقة، لكن لا يمكن تحليلها دون مساعدة التعلم الآلي.
  • تساعد خوارزميات التعلم الآلي من جوجل مثلاً على جعل نتائج البحث أكثر جاذبية للمستخدم، وتعرض له محتوى جديداً بناءً على سجل البحث السابق، أي البيانات المجموعة والتي تم تحليلها سابقاً.
  • الحوسبة الكمية  ستمنح علم البيانات إمكانات هائلة في المستقبل، إذ يمكن للتعلم الآلي معالجة المعلومات بشكل أسرع من خلال المعالجة السريعة والقدرات المتقدمة للحوسبة الكمومية، وبالتالي تقليل الوقت اللازم لحل المشكلات المعقدة بشكل كبير.

المجالات الأكثر أهمية في علم البيانات

ستستفيد بعض المجالات مستقبلاً من علم البيانات أكثر من غيرها، ومن أبرزها:

  • التعرف على الصور: تظهر أهمية هذا المجال في السيارات ذاتية القيادة، فهي تتعرف على الطريق أكثر وأكثر عندما تمر مراراً منه، فتصبح صورته أكثر دقة، ما يجعل القيادة أكثر راحة وأماناً.
  • الرعاية الصحية: في الرعاية الصحية تُجمع البيانات حول المرضى باستمرار، ومنها يمكن التعرف على أي زيادة تحصل في أعدادهم، والطلب الزائد على احتياجاتهم ومتطلبات العناية بهم، ما يساعد المعنيين على تأمينها، ويحذر الحكومات من أي أزمة صحية قادمة.
  • التنبؤ بالطقس: يعد التنبؤ بالطقس أحد أكثر مجالات علم البيانات وضوحاً، إذ تُجمع الكثير من البيانات الخاصة بالطقس من الأقمار الصناعية، وتحليل هذه البيانات بوجود أدوات قوية يساعد على التنبؤ بحالة الطقس بدقة، حتى التنبؤ بالعواصف المفاجئة عادة سيكون ممكناً بوجود علم البيانات، وسينقذ آلاف الأرواح.
  • كشف الاحتيالبوجود الخوارزميات والذكاء الاصطناعي يمكن كشف المعاملات الاحتيالية وإيقافها وتصحيحها على الفور.
  • ألعاب الفيديويحب الكثيرون ألعاب الفيديو، وجمع البيانات عن هؤلاء وعمّا يعجبهم بالألعاب وما لا يعجبهم فيها ما يساعد على تطوير اللعبة ليستمر الهواة بلعبها.
  • الخدمات اللوجستية: أبرز مثال عنها هو خرائط جوجل التي تجمع البيانات عن الطرق وتساعد السائق على تحديد أقصر الطرق وأقلها ازدحاماً للوصول إلى وجهته المطلوبة.
  • توصيات المشاهدة: في صناعة الترفيه، تجمع مواقع الويب مثل نيتفليكس وأمازون بيانات من سجل المشاهدة الخاص بك، لتعرض اقتراحات تناسبك بناءً عليها.

كيف تصبح عالِم بيانات؟

بما أن علم البيانات مجال حديث النشأة، ومن الواضح أن له مستقبلاً مشرقاً، بالتأكيد سيزداد الطلب على عالِم البيانات، لذلك ستكون هذه المهنة اختياراً موفقاً لك، لكن كيف ستصبح عالم بيانات؟

بدايةً يجب أن تمتلك عدة مهارات، وأن تكون على دراية بالحوسبة الكمومية، وأهم ما يجب أن تعرفه هو لغات البرمجة مثل جافا وبايثون وغيرها، وستساعدك معرفتك بالذكاء الاصطناعي على تطوير نفسك.

بالنسبة للمؤهلات العلمية، من المهم جداً أن تكون حاصلاً على إجازة في علم البيانات بالإضافة إلى الرياضيات أو الإحصاء وعلوم الحاسوب. من المفيد لك أيضاً أن تبني خبرة ومعرفة في برامج التحليلات الإحصائية مثل SAS. وبرامج تحليل البيانات المعقدة، ولغات البرمجة مثل SQL المستخدمة لإدارة البيانات.

يُطلب أيضاً من عالِم البيانات أن يكون قادراً على فهم مجال الأعمال ليتمكن من إحداث نقلة داخل الشركة، ويتمتع بمهارات التواصل الفعّال ليتمكن من توصيل نتائج البيانات بشكلٍ مناسب لاتخاذ قرارات عمل أفضل. ومن الضروري أيضاً أن يتمتع بتفكير تحليلي، أي أنه قادر على المشكلات.

وظائف علم البيانات

هناك ثلاثة أنواع من الوظائف في علم البيانات:

  • محلل البيانات الذي يجمع البيانات من قاعدة البيانات.
  • عالم البيانات الذي يدير البيانات ويفلترها، ويبني نماذج لتفسير البيانات الضخمة وتحليل النتائج.
  • مهندس البيانات وهو مَن يستخرج البيانات للحصول على رؤى منها، وهو مسؤول عن الحفاظ على تصميم البيانات وهندستها.

يمكن أن يساعد استخدام علم البيانات والذكاء الاصطناعي في الشركات على تحقيق ما لا يمكن تصوره، ويمكن أن يؤدي تبني الأتمتة والكفاءة إلى تسهيل العمليات التي تتطلب المزيد من القوى العاملة وساعات العمل، لذلك تسعى الشركات في شتى المجالات إلى دمج علم البيانات والذكاء الاصطناعي لتجنى فوائده التي لا تحصى.

Read More
PSC Team مايو 1, 2024 0 Comments

ما أبرز خطوات تحويل البيانات الضخمة إلى بيانات حقيقية؟

على مدار الأعوام القليلة الماضية أصبح مصطلح البيانات الضخمة (Big Data) أحد الكلمات الطنانة التي تتداول بكثرة في قطاع الأعمال والشركات، ويعود هذا إلى ازدياد إنتاج البيانات من جميع الأنواع بكميات قياسية في كل عام، والتي تمنح الشركات مزيداً من الأفكار عن العملاء وتحسين العمليات التشغيلية أكثر من أي وقت مضى، وربما تسمح لها أيضاً بالتنبؤ بما قد يحدث في المستقبل.

ومع ذلك، ما لم يتم تحويل البيانات الضخمة التي يتم إنتاجها بشكل دوري ومتسارع إلى بيانات حقيقية ورؤى قابلة للتنفيذ، فلا يوجد ما يمكن لأي شركة أن تفعله، فكيف يمكن تحويل البيانات الضخمة إلى بيانات حقيقية للاستفادة منها في تعزيز وتحسين الأعمال ونموها؟

من أين تأتي البيانات الضخمة؟

تم استخدام مصطلح البيانات الضخمة منذ أوائل التسعينيات، وفي جوهرها الحقيقي فإن البيانات الضخمة ليست شيئاً جديداً تماماً أو لم يكن موجوداً سوى في العقدين الماضيين فقط، فعلى مدار مئات السنين الماضية كان الناس يحاولون استخدام تقنيات تحليل البيانات لدعم عملية صنع القرار لديهم.

حيث حاول المصريون القدماء الحفاظ على جميع البيانات الموجودة في مكتبة الإسكندرية، كما اعتادت الإمبراطورية الرومانية على تحليل إحصائيات جيشها بعناية لتحديد التوزيع الأمثل لجيوشها. ومع ذلك، تغير في العقدين الماضيين حجم إنشاء البيانات وسرعته، بما يتجاوز مقاييس الفهم البشري.

على سبيل المثال، بلغ إجمالي كمية البيانات في العالم عام 2020 نحو 64 زيتابايت، ومن المتوقع أن يرتفع إلى نحو 180 زيتابايت بحلول عام 2025، ومن ثم حتى مع وجود أكثر التقنيات تقدماً اليوم، يستحيل تحليل كل هذه البيانات، لذا أصبحت الحاجة إلى إيجاد طرق جديدة وحلول تخزين مبتكرة للتعامل مع أنواع البيانات الجديدة هذه ملحة من أجل تحليلها بفعالية.

وقد أصبحت شبكة الويب العالمية تسهم في تقديم مجموعات فريدة من البيانات، بالإضافة إلى أجهزة إنترنت الأشياء التي أسهمت في زيادة توليد البيانات بشكل لم يسبق له مثيل، والتي أظهرت مجالاً تنافسياً جديداً يعمل على استخراج معلومات ذات مغزى وقيمة من مصادر البيانات الجديدة هذه.

لماذا البيانات الضخمة مهمة؟

تستخدم الشركات البيانات الضخمة في أنظمتها لتحسين العمليات وتقديم خدمة عملاء أفضل وإنشاء حملات تسويقية مخصصة واتخاذ إجراءات أخرى يمكنها في النهاية زيادة الإيرادات والأرباح، حيث تمتلك الشركات التي تستخدمها بشكل فعّال ميزة تنافسية محتملة لأنها قادرة على اتخاذ قرارات عمل أسرع وأكثر استنارة.

فيما يلي بعض الأمثلة حول كيفية استخدام القطاعات المختلفة للبيانات الضخمة:

  • قطاع الطاقة: تساعد البيانات الضخمة شركات النفط والغاز في تحديد مواقع الحفر المحتملة ومراقبة عمليات خطوط الأنابيب.
  • قطاع الخدمات المالية: تستخدم أنظمة البيانات الضخمة لإدارة المخاطر والتحليل الفوري لبيانات السوق.
  • قطاع الصناعة: يعتمد المصنّعون وشركات النقل على البيانات الضخمة لإدارة سلاسل التوريد الخاصة بهم وتحسين طرق التسليم.
  • قطاع البيع بالتجزئة: توفر رؤى قيمة للعملاء يمكن للشركات استخدامها لتحسين التسويق والإعلان والعروض الترويجية من أجل زيادة مشاركة العملاء، وتقييم التفضيلات المتطورة للمستهلكين، ما يمكّن الشركات من أن تصبح أكثر استجابة لرغبات العملاء واحتياجاتهم.
  • قطاع الرعاية الصحية: توفر لمنظمات الرعاية الصحية والوكالات الحكومية معلومات محدثة عن تهديدات الأمراض المعدية أو تفشيها.
  • القطاع الحكومي: الاستجابة للطوارئ ومنع الجريمة و مبادرات المدن الذكية.

ما أنواع البيانات الضخمة؟

الحجم هو السمة الأكثر شيوعاً للبيانات الضخمة، وغالباً ما تأتي في ثلاثة أنواع رئيسية هي:

  • البيانات المنظمة: مثل المعاملات والسجلات المالية، وإحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
  • البيانات غير المنظمة: مثل النصوص والمستندات وملفات الوسائط المتعددة، ومنشورات منصات التواصل الاجتماعي.
  • البيانات شبه المنظمة: هي مزيج من البيانات المنظمة وغير المنظمة، مثل عناوين البريد الإلكتروني، والبيانات المتدفقة من أجهزة إنترنت الأشياء.

كيفية تحويل البيانات الضخمة إلى بيانات حقيقية

البيانات الضخمة بشكلها العام غير قابلة للاستخدام، فهي عبارة عن كتلة من المعلومات غير ذات الصلة قد يستغرق فهمها سنوات، ولكن إذا تم تنظيمها بشكل فعّال وتحليلها، فعندئذ تبدأ البيانات الضخمة في التحول إلى بيانات ذكية، وبشكل أساسي يمكن استخدام الخطوات أدناه لتحويل البيانات الضخمة إلى بيانات حقيقية يمكن الاستفادة منها:

الخطوة الأولى: تحديد شروط البحث

جمع البيانات عملية ضرورية يمكن أن تأتي من مصادر مختلفة مثل منشورات تويتر وفيسبوك والمقالات الإخبارية وأجهزة إنترنت الأشياء، ويمكن لها أن تتدفق بلا توقف، ولكن الخطوة الرئيسية الأولى هي البحث في هذه المصادر عن موضوع معين في هذه البيانات كما تفعل في محرك البحث جوجل.

على سبيل المثال، إذا أدخلت استعلاماً في مخزن البيانات التي تم جمعها مسبقاً عن كلمة معينة بدون أي معلمات أو فلاتر أخرى ربما ستكون لديك قائمة طويلة جداً من العناوين بدون ترتيب معين، ومن ثم مع هذه الكلمة وحدها فإن الأفكار التي يمكننا الحصول عليها من هذه المعلومات محدودة جداً أيضاً، فكل ما يمكنك معرفته حقاً هو عدد المرات التي ظهرت فيها هذه الكلمة في بحثك.

الخطوة الثانية: تصفية البيانات

من خلال إضافة مجموعة متنوعة من الفلاتر المحتملة، مثل:

  • إطار زمني معين، مثل أسبوع أو شهر أو عام أو حتى آخر ساعة فقط.
  • معرفة القنوات التي تأتي منها البيانات، هل هي منشورات تويتر أو مقاطع فيديو يوتيوب أو مقالات إخبارية.
  • معرفة البلد الذي تنشأ فيه المشاركات واللغة المكتوبة بها تعد أمراً أساسياً أيضاً. مثل هل يوجد المزيد من المحتوى عبر الإنترنت حول العلامة التجارية باللغة الإسبانية أو البرتغالية؟

وبشكل عام بمجرد إضافة عدد قليل من الفلاتر، سيتم تقسيم محيط البيانات الضخم إلى أنهار أكثر قابلية للإدارة، يمكن بعد ذلك دمجها وتقسيمها حسب الرغبة لإنشاء تدفقات متعددة من البيانات، ما يسمح بعزل المعلومات التي تحتاجها فقط.

الخطوة الثالثة: تحليل البيانات

تساعد التحليلات في تحويل البيانات التي تمت تصفيتها إلى رؤى حقيقية يمكن استخدامها لمساعدة الأعمال التجارية على النمو. على سبيل المثال باستخدام نماذج التحليلات المتقدمة  (Advanced Analytics)، يمكن إلقاء نظرة على أهم الموضوعات التي تظهر في هذه البيانات، مثل معرفة الكلمات الأكثر ارتباطاً بعلامات تجارية معينة، أو معرفة من الفئة الأكثر تحدثاً عن المنتج وغيرها، فمعرفة أن العلامة التجارية قد تم ذكرها مليوني مرة خلال الشهر الماضي ليست مهمة للغاية، ولكن معرفة أن العلامة التجارية قد تم ذكرها مليوني مرة مع مليون من تلك الإشارات الواردة من منطقة جغرافية معينة أو فئة عمرية معينة هي ما تجعلها أكثر إفادة بشكل لا نهائي.

الخطوة الرابعة: استخدام البيانات

في هذه المرحلة نجد أن استخدامات البيانات المنقحة جيداً لا حدود لها وتتزايد طوال الوقت، حيث إن الشركات والمؤسسات في جميع المجالات، من تجار التجزئة وشركات التكنولوجيا إلى المنظمات غير الحكومية، يمكنها الاستفادة من هذه البيانات وإيجاد قيمة لها كلٍّ في مجاله.

المرحلة الخامسة: توزيع البيانات

تعتبر هذه المرحلة حاسمة للاستفادة العملية من البيانات الحقيقية التي توليدها من البيانات الضخمة، وتعتمد بصورة أساسية على السرعة والدقة في توزيع البيانات على الأشخاص المناسبين وفي الوقت المناسب، حيث يمكن استخدامها في إنجاز رؤى قابلة للتنفيذ والحصول على أقصى استفادة من الأفكار التي تم بناؤها على البيانات الحقيقية التي تم إنتاجها.

ختاماً، تعد معرفة كيفية تحويل البيانات الضخمة إلى بيانات حقيقية يمكن استخدامها أمراً ضرورياً للمؤسسات والشركات للبقاء في السوق التنافسي وتوسيع نطاق الأعمال، كما أن اتخاذ القرارات التي تعتمد على البيانات يعد جزءاً لا يتجزأ من التحول الرقمي، حيث تساعد في اتخاذ قرارات أسرع وأفضل بناءً على رؤى موثوقة.

Read More
PSC Team أبريل 16, 2024 0 Comments