كيف «يفكر» الذكاء الاصطناعي؟

PSC Team يوليو 1, 2024 0 Comments

ببساطة يُعرف الذكاء الاصطناعي على أنه قدرة الآلات في أداء المهام التي تتطلب الذكاء البشري، مثل التفكير والتعلم واتخاذ القرار. يمكن تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة، مثل الرؤية الحاسوبية ومعالجة اللغة الطبيعية والتعرف على الكلام والروبوتات. ولكن كيف يفكر الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يعالج المعلومات ويحل المشكلات؟ وبماذا تختلف طريقة تفكيره عن تفكير البشر؟

آلية التفكير الاصطناعي

لا يفكر الذكاء الاصطناعي بالطريقة نفسها التي يفكر بها البشر، فهو لا يملك وعياً أو عواطف أو حدساً. لا يفهم الذكاء الاصطناعي معنى البيانات التي يعالجها أو سياقها، ويقوم فقط بمقارنة البيانات التي يحصل عليها بقاعدة بياناته السابقة التي دُرِب عليها. على سبيل المثال، لا يعرف نظام الذكاء الاصطناعي الذي يتعرف على الوجوه ما الوجه أو مَن الشخص، إذ يقوم فقط بمقارنة وحدات بكسل الصورة بوحدات بكسل الصور الموجودة في قاعدة البيانات الخاصة به، ثم يعثر على أقرب تطابق.

يستخدم الذكاء الاصطناعي أساليب مختلفة لمقارنة البيانات والعثور على التشابه بينها، إحدى الطرق الأكثر شيوعاً هي التعلم الآلي، وهو مجموعة فرعية من الذكاء الاصطناعي تمكّن الآلات من التعلم من البيانات وتحسين أدائها. يمكن تقسيم التعلم الآلي إلى نوعين: التعلم الموجَّه (Supervised learning) والتعلم غير الموجَّه (Unsupervised learning).

التعلم الموجَّه يمثّل تعلم الآلة من البيانات المصنّفة؛ أي بيانات لها نتيجة وتندرج ضمن فئة محددة مسبقاً. على سبيل المثال، يتعلم نظام الذكاء الاصطناعي الذي يصنّف رسائل البريد الإلكتروني العشوائية من بيانات تتضمن ملايين رسائل البريد الإلكتروني التي صُنِفت على أنها بريد عشوائي أو ليست بريداً عشوائياً. بهذه الطريقة، يستطيع أن يعرف ميزات رسائل البريد العشوائي وميزات رسائل البريد غير العشوائي، ويطبّقها على رسائل البريد الإلكتروني الجديدة.

أمّا التعلم غير الموجَّه فيكون عندما تتعلم الآلة من البيانات غير المصنّفة، وهي بيانات ليست لها نتيجة ولا تندرج ضمن فئة محددة مسبقاً. على سبيل المثال، يتعلم نظام الذكاء الاصطناعي الذي يصنّف العملاء حسب تفضيلاتهم من مجموعة بيانات سلوك العملاء دون معرفة تفضيلاتهم، وذلك من خلال العثور على أوجه التشابه والاختلاف بين العملاء المختلفين، ثم تصنيفهم وفقاً لذلك.

هناك طريقة أخرى يستخدمها الذكاء الاصطناعي لمقارنة البيانات والعثور على أوجه التشابه والاختلاف في البيانات وهي التعلم العميق (Deep Learning)، وهو مجموعة فرعية من التعلم الآلي تستخدم الشبكات العصبونية الاصطناعية (ANNs) لتقليد بنية ووظيفة الشبكات العصبية البيولوجية في الدماغ البشري. تتكون الشبكات العصبونية الاصطناعية من طبقات من العقد المترابطة تُسمَّى العصبونات الاصطناعية، وهي تعالج المعلومات وتنقل الإشارات إلى بعضها بعضاً.

كيف يتعرف الذكاء الاصطناعي على البيانات الجديدة؟

أحد تحديات الذكاء الاصطناعي هو التعامل مع البيانات التي لم يُدرب عليها، أو التي تختلف عن البيانات التي لم يُدرب عليها. نقصد بذلك تطبيق المعرفة والمهارات المكتسبة على المواقف والمشكلات الجديدة.

إحدى الطرق التي يمكن أن تمنح الذكاء الاصطناعي هذه القدرة هي استخدام نقل التعلم (Transfer Learning)، وهي تقنية تمكّن الذكاء الاصطناعي من إعادة استخدام معارفه ومهاراته الحالية لمهام أو مجالات مختلفة. على سبيل المثال، يستطيع نظام الذكاء الاصطناعي الذي دُرِب على التعرف على الكلاب استخدام ميزاته المكتسبة نفسها للتعرف على الحيوانات الأخرى، مثل القطط أو الخيول.

هناك طريقة أخرى وهي استخدام التعلم المعزز (Reinforcement Learning)، وهي طريقة تمكّن الذكاء الاصطناعي من التعلم من تصرفاته وردود أفعاله. على سبيل المثال، يستطيع نظام الذكاء الاصطناعي الذي يلعب الشطرنج أن يتعلم من تحركاته ونتائجه، ويحسّن استراتيجيته بمرور الوقت.

الفرق بين تفكير الذكاء الاصطناعي وتفكير الإنسان

هناك بعض أوجه التشابه والاختلاف بين تفكير الذكاء الاصطناعي والتفكير البشري. إليك بعض أوجه التشابه:

  • كلاهما يستخدم البيانات والمعلومات لاتخاذ القرارات وحل المشكلات.
  • كلاهما يستخدم المنطق والتفكير للعثور على أوجه التشابه والاختلاف.
  • كلاهما يمكن أن يتعلم من خبرته.

بعض الاختلافات:

  • التفكير البشري أكثر إبداعاً ومرونة من الذكاء الاصطناعي، حيث يستطيع البشر توليد أفكار وحلول جديدة، والتكيُّف مع المواقف والسياقات المتغيرة.
  • التفكير البشري أكثر بديهية وعاطفية من الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن للبشر استخدام مشاعرهم وعواطفهم لتوجيه أفعالهم وأحكامهم.
  • التفكير البشري أكثر قابلية للتفسير والفهم من الذكاء الاصطناعي، فالبشر يمكنهم تقديم الأسباب والمبررات لقراراتهم وأفعالهم، في حين أن الذكاء الاصطناعي غالباً ما ينتج مخرجات يصعب تفسيرها.

محاولات لتغيير طريقة تفكير الذكاء الاصطناعي

هناك بعض المحاولات لتغيير طريقة تفكير الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال جعله أكثر شبهاً بالإنسان. أحد الأمثلة على ذلك هو ما قام به الباحث بيتر كو، الأستاذ المساعد في مختبر كولد سبرينغ هاربور في ولاية نيويورك الأميركية، الذي طوّر طريقة تُسمَّى علم الأحياء الحسابي (PLOS)، وهي تقوم باختبار الذكاء الاصطناعي لمعرفة القواعد التي تعلمها بنفسه.

طوّر كو ذكاء اصطناعي يمكنه تعلم القواعد العامة بدلاً من مقارنة البيانات فقط. على سبيل المثال، بدلاً من تدريب الذكاء الاصطناعي على حلول جاهزة لآلاف المعادلات الرياضية، يمكن تعليمه قواعد حل تلك المعادلات.

تتضمن طريقة كو طرح أسئلة على الذكاء الاصطناعي حول الميزات والأنماط التي تعلمها، ومقارنة إجاباته بإجابات خبير بشري. وهي تُعد مجالاً جديداً يهدف إلى جعل الذكاء الاصطناعي قابلاً للتعلم بسرعة أكبر ويفكر بطريقة مماثلة لتفكير البشر. بالإضافة إلى ذلك، يعد تدريب الذكاء الاصطناعي على القواعد بدلاً من البيانات الضخمة أقل تكلفة بكثير وأقل استهلاكاً لموارد الحوسبة، ما يُتيح انتشار الذكاء الاصطناعي على نطاقٍ أوسع.

AboutPSC Team