كيف غيّر الذكاء الاصطناعي قطاع الأسواق المالية؟
رفعت أنظمة الذكاء الاصطناعي الإقبال على سوق الأسهم في السنوات الأخيرة بفضل ما تتيحه من مزايا غير مسبوقة، من قبيل خفض تكاليف تحليل الأسواق ومتابعتها وتوفير الوقت وتقديم نتائج دقيقة لا تتأثر بمشاعر الخوف أو التفاؤل المفرط التي تسود داخل بعض الأسواق.
ويعد قطاع التداول واحداً من أحدث القطاعات التي اقتحمها الذكاء الاصطناعي وغيّر طريقة عملها؛ فقد جعل التداول الإلكتروني متاحاً للجميع دون الحاجة إلى معرفة متخصصة أو سنوات من الخبرة في التداول. فكيف فعل ذلك؟
لنأخذ شركة في آي ماركتس (VI Markets) مثالاً. تعدُّ في آي ماركتس الممثل الرسمي لشركة ون فايننشال ماركتس المتخصصة بالأسواق العالمية والتداول الإلكتروني في الشرق الأوسط، وقد بدأت الاعتماد في عملياتها على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بشكلٍ كامل منذ عام 2018.
يقول الرئيس التنفيذي للشركة، طلال العجمي، الذي حاز لقب “أفضل رئيس تنفيذي ناشئ للتداول لعام 2022” من قبل غلوبال بزنس أوتلوك (Global Business Outlook): “إن الأسواق المالية شهدت إقبالاً متزايداً بعد اقتحام الذكاء الاصطناعي لها”.
ويضيف العجمي، الذي اختير ضمن قائمة فوربس لـ “أقوى الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط 2022″، أن الذكاء الاصطناعي سهّل الكثير من العمليات المالية، بدءاً من متابعة حركة الأسواق، وتحليلها، وحتى اتخاذ القرار اعتماداً على مجموعة ضخمة من البيانات، مبرزاً امتلاك أدوات الذكاء الاصطناعي ميزة الابتعاد عن العاطفة.
كيف غيّر الذكاء الاصطناعي قطاع الأسواق المالية؟
لسنوات مضت، استخدمت شركات الوساطة المالية تقنيات التعلم الآلي لمساعدة الوسطاء والتجار على تقليل المخاطر، وشراء الأسهم وبيعها، إذ يتيح التعلم الآلي لهذه الشركات الحصول على صورة كاملة عن حالة سوق الأوراق المالية بمساعدة التحليل المتعمق والمتواصل لتقلبات أسعار الأسهم ومعالجة البيانات غير المنظمة، وإبلاغ قرارات البيع والشراء الصحيحة في الوقت الفعلي.
وبدأت شركات الوساطة المالية اعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعي في الكثير من المهام، وهذه مجموعة مما تقوم به خوارزميات الذكاء الاصطناعي في قطاع التداولات المالية:
- التحليل والتنبؤ: تحلل برامج الذكاء الاصطناعي البيانات التاريخية والأنماط المتكررة في ديناميكيات أسعار الأسهم لتحديد الاستراتيجية الصحيحة للمستثمر، وتقديم التوصيات الاستثمارية الدقيقة، إضافة إلى دمجها البيانات من الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي في تحليلاتها، ما يجعل اتخاذ القرارات بناءً على مجموعة البيانات أكثر شمولاً.
- اتخاذ القرارات: لا يقتصر دور أنظمة الذكاء الاصطناعي على التحليل فقط، وإنما تأخذ أيضاً مكان المتداول في تنفيذ الصفقات، من خلال برمجة عدة أوامر بناءً على بيانات ومعلومات مسبقة.
وفي هذا السياق، ظهر ما يعرف بنسخ التداول، أي اختيار مستثمرين آخرين لديهم سجل صفقات ناجحة، ينسخها المستثمر ويحاول الاستفادة منها، وتتيح عملية نسخ التداول مراقبة استراتيجيات المتداولين الناجحين والأكثر خبرة، والاستفادة من خبراتهم وقراراتهم التجارية.
- التعامل مع العملاء: طوّر الذكاء الاصطناعي شكل خدمة العملاء، ليقود إلى تطوير رؤى أعمق وبناء تجربة مستخدم أفضل، ورفع معدلات الاستبقاء، وتحسين صورة العلامة التجارية، إذ من المتوقع أن يعزز الذكاء الاصطناعي أداء الشركات بنسبة تصل إلى 40% بحلول عام 2035.
فإلى جانب بوتات المحادثة (Chatbot) لتسهيل الرد على العملاء، وتوفير استجابة سريعة، وتقليل التفاعل البشري، وكذلك تحليل تفاعل العملاء ومشاعرهم وردود أفعالهم لتحسين تجربتهم، ذهبت أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى أبعد من ذلك، إذ يتم تدريبها على القيام ببعض الإجراءات الروتينية.
فعلى سبيل المثال، تسعى شركة في آي ماركتس إلى تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء لديها، لتقوم بمهام مثل فتح الحسابات دون أي تدخل بشري، إذ تكون المهمة عبارة عن عدة أسئلة يجيب عنها العميل، ثم يأخذ صورة لنفسه، ويقوم النظام باعتماد بياناته، وفتح الحساب، ليبدأ عملية التداول خلال دقائق، وفقاً للرئيس التنفيذي للشركة، طلال العجمي.
مزايا أنظمة الذكاء الاصطناعي في قطاع الأسواق المالية؟
توفر أنظمة الذكاء الاصطناعي عدة مزايا وسّعت انتشارها في السنوات الأخيرة، وزادت من إقبال الكثيرين على الأسواق المالية، حتى أولئك الذين لا يملكون خبرة واسعة في هذا المجال، ومن هذه المزايا:
- توفير الوقت: من دون أنظمة الذكاء الاصطناعي، كان لا بُدّ أن يدرس المتداول علم تداول الأسهم لكسب المال في سوق الأوراق المالية، والآن باتت هذه الأنظمة توفّر له هذه الخبرة بالفعل دون الحاجة إلى اكتسابها، كما تساعد المتداول والتاجر على كسب وقت أكبر في تتبع حركة الأسواق، وتحليل الاتجاهات وديناميكيات الأسعار، وتدعمه بالإجراءات الفورية.
- الابتعاد عن العاطفة: يضمن الذكاء الاصطناعي الابتعاد عن انخفاض الأداء الناتج عن التحيزات والدوافع والأخطاء البشرية، إذ يكون معتمداً فقط على البيانات والمعلومات، ما يجعل النتائج أقرب إلى الدقة.
- انخفاض التكاليف: على الرغم من وجود تكاليف اشتراك في برامج التداول بالذكاء الاصطناعي، فإنها تقلل التكاليف الإجمالية عن طريق تقليل الوقت الذي يستغرقه إجراء التحليل ومقارنة البيانات وصياغة استراتيجية قابلة للتنفيذ.
- تقليل العمل اليدوي: يساعد الذكاء الاصطناعي في تقليل حجم العمل اليدوي الذي يتعين على المتداول القيام به، من خلال تجهيز المعلومات بسرعة عند الطلب وعرضها على الشاشات وتحديثها باستمرار.
ما زالت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على تقديم المزيد من المزايا، والقيام بالمزيد من المهام، سعياً لتقليل الخطأ البشري، وتسهيل العمليات، واختصار الوقت والجهد اللازم، مثلما فعلت مع قطاع الأسواق المالية، الذي صار متاحاً لدخول جميع الأفراد الراغبين، حتى قليلي الخبرة بالقطاع، بفضل هذه الأنظمة